الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: مجموع فتاوى ابن تيمية **
فأجاب: إذا كان الضامن لم يعرف له مال قبل ذلك وادعي الإعسار، فالقول قوله مع يمينه في ذلك، ولا يحتاج إلى إقامة بينة. وهذا هو المعروف من مذهب الشافعي، وأحمد، وغيرهما، وهو قول طائفة من الحنفية فيما ذكروه عن مذهب أبي حنيفة. وحكي منع ذلك أيضا بل هو حقيقة مذهبه، فإنه لا يحوجه إلى بينة إذا تبين أن الحال على ما ذكروا. والله أعلم. / فأجاب: نعم، يصح ضمان ما في الذمة بغير إذن المضمون عنه، ويطالب المستحق للضامن، لكن إذا قضاه بغير إذن الغريم، فهل له أن يرجع بذلك على المدين؟ فيه قولان للعلماء. قيل: يرجع، وهو قول مالك، وأحمد في المشهور عنه. وقيل: لا يرجع، وهو قول أبي حنيفة، والشافعي. والله أعلم.
فأجاب: الحمد لله، إن كان ضمنهم ضمانًا شرعيا بما عليهم من / الدين، فلصاحب الحق أن يطالب الضامن بذلك الحق، أو بما بقي منه، وليس له أن يطالب بغير ما ضمنه. وإن كان تحت حجر أبيه لم يصح ضمانه. وللضامن أن يطلب الغرماء إذا طلب.
فأجاب: إذا بذل بيع ماله على الوجه المعروف لم يجز عقوبته بحبس ولا غيره؛ فإن العقوبة إما أن تكون على ترك واجب أو فعل محرم، وهو إذا بذل ما عليه من الوفاء لم يكن قد ترك واجبا، لكن إن خاف الغريم أن يغيب، أو لا يفي بما عليه، فله أن يحتاط عليه، إما بملازمته، وإما بعائن في وجهه. والترسيم عليه ملازمة. ومتي اعتقله الحاكم ثم بذل بيع ماله، وسأل التمكين من ذلك يمكنه من ذلك، إما أن يخرج مع ترسيم، وإما أن يوكل من يبيع / الملك ويسلمه، إذا لم يمكن ذلك إلا بخروجه. ففي الجملة لا تجوز عقوبته بحبس مع عدم تركه الواجب، لكن يحتاط بالملازمة.
فأجاب: ليس للضامن، لا في الشريعة النبوية، ولا في السياسة السلطانية، تغيير القاعدة المتقدمة، ولا أن يحدث على الناس ما لم يكن عليهم موضوعا بأمر ولاة الأمور، بل الواجب منعه من ذلك، وعقوبته عليه، واسترجاع ما قبضه من أموال الناس بغير إذن. وأما حكم الشريعة. فإنه ينزل صاحب الدابة حيث أحب، ما لم تكن مفسدة شرعية، ويعلفها هو، ولا يجبر على أن يكتري لها، أو يشتري من أحد، ولو أكره على ذلك فلا يجوز أن يؤخذ منه زيادة على ثمن المثل، بل أخذ الزيادة بمنزلة لحم الخنزير الميت حرام من وجهين. والله أعلم. / فأجاب: ضمان السوق، وهو أن يضمن الضامن ما يجب على التاجر من الديون، وما يقبضه من الأعيان المضمونة ضمان صحيح، وهو ضمان ما لم يجب، وضمان المجهول، وذلك جائز عند جمهور العلماء؛ كمالك، وأبي حنيفة، وأحمد بن حنبل. وقد دل عليه الكتاب كقوله: / فأجاب: له الرجوع فيما أنفقه بسبب ضمانه، إذا كان ذلك بالمعروف.
فأجاب: مذهب أبي حنيفة ومحمد والشافعي والإمام أحمد أن للغريم أن يطلب من شاء منهما، فإذا استوفي لم يكن له مطالبة، وله أن يطالبهما جميعًا. / فأجاب: إذا لم يكن ضامنا ولده، ولا له عنده مال، لم تجز مطالبته بما عليه؛ لكن إن أمكن الوالد معاونة صاحب الحق على إحضار ولده بالتعريف بمكانه ونحوه لزمه ذلك، وإلا فلا شيء عليه. ولا تحل مطالبته بشيء من جهته. وعلى ولي الأمر كف العدوان عنه.
فأجاب: إذا ثبت أنه ضامن بإقرار وبينة، أو خطه، لزمه ما ضمنه؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قضي أن الزعيم غارم. فإن ثبت أنه كان محجورًا عليه، غير مستقل بالتصرف لنفسه، لم يصح ضمانه،/ ولكن لا يفسد العقد بمجرد دعواه الحجر. وإن قال: إن المضمون له يعلم أني كنت محجورًا على، فله تحليفه، وكذلك إذا ادعي الإكراه، فله تحليف المضمون له.
فأجاب: ظلم الضامن بمطالبته بما لا يجب عليه بالعقد الذي دخل فيه، وإن كان محرمـًا أبلغ تحريمًا من غناء الأجنبية للرجال؛ لأن الظلم من المحرمات العقلية الشرعية، وأما هذا الغناء فإنما نهي عنه؛ لأنه قد يدعو إلى الزنا، كما حرم النظر إلى الأجنبية؛ ولأن فيه خلافًا شاذا؛ ولأن غناء الإماء الذي يسمعه الرجل قد كان الصحابة يسمعونه في /العرسات، كما كانوا ينظرون إلى الإماء لعدم الفتنة في رؤيتهن، وسماع أصواتهن، فتحريم هذا أخف من تحريم الظلم، فلا يدفع أخف المحرمين بالتزام أشدهما. وأما غناء الرجال للرجال فلم يبلغنا أنه كان في عهد الصحابة. يبقي غناء النساء للنساء في العرس، وأما غناء الحرائر للرجال بالدف فمشـروع في الأفراح؛ كحديث الناذرة وغناها مع ذلك. ولكن نصب مغنية للنساء والرجال، هذا منكر بكل حال، بخلاف من ليست صنعتها، وكذلك أخذ العوض عليه، والله أعلم.
فأجاب: نعم، ما ألزم الضامن بسبب عدوان المضمون؛ مثل أن يكون قادرًا على الوفاء، فيغيب حتي أمسك الغريم للضامن، وغرمه ما غرمه، كان له أن يرجع بذلك على المضمون الذي ظلمه. / فأجاب: إذا سلمه اليه في حبس الشرع برئ بذلك، ولم يلزمه إخراجه من الحبس له، لكن المضمون له يطلب حقه منه ويستوفيه بحكم الشرع حينئذ، وإن كان في الحبس، وللحاكم أن يخرجه من الحبس حتي يحاكم غريمه، ثم يعيده اليه. ولا يلزمه إحضاره اليه وهو في حبس الشرع عند أحد من أئمة المسلمين. وأجاب أيضا: إذا سلمه ضامن الوجه الذي ضمنوه ضمان إحضار في حبس الشرع، فقد برئوا من الضمان، وكان لأهل الحق الذي عليه أن يستوفوا حقهم منه حينئذ، وإن احتاجوا إلى الدعوي عليه مكنوا من إخراجه إلى مجلس الحكم، والدعوي عليه. هذا مذهب أئمة المسلمين؛ كمالك، وأحمد، وغيرهما. / فأجاب: الحمد لله، إذا كانوا مستأجرين على حفظهم فعليهم الضمان بما تلف بتفريطهم. والله أعلم.
فأجاب: له أن يرجع على من كفله؛ فإن كفالة أبيه له تقتضي/ أنه تصرف بإذن أبيه، فيلزمه الدين، وتصح كفالته. وإن كان في الباطن قد استدان لأبيه، ولكن أبوه أمره، فالاستدانة للأب، وإلا فله تحليف الأب أن الاستدانة لم تكن له.
فأجاب: إن السجان ونحوه ممن هو وكيل على بدن الغريم، بمنزلة الكفيل للوجه، عليه إحضار الخصم، فإن تعذر إحضاره ـ كما لو لم يحضر المكفول ـ يضمن ما عليه عندنا، وعند مالك.
فأجاب: الحمد لله، نعم، تصح الحوالة بشروطها، وليس للمحيل له قبض المحال به بعد الحوالة، ولا تبرأ ذمة المحال عليه بالإقباض لها، إلا أن يكون بأمر المحال. وللمحتال أن يطلب كل واحد من المحال عليه ليعاد منه في ذمته ومن القابض دينه بغير إذنـه. وإن كـان قبض الغاصب بغير حـق، بمنزلة غصب المشاع، فـإن التعيين بالغصب كالقسمة، فما له أن يطالب الغاصب بالقسمة. وللمحتال عليه أن يرجع على المحيل بما قبضه منه بغير حق، لكن للخصم تحليف المقر له أن باطن هذا الإقرار كظاهره. والله أعلم.
|